هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 شرح الأربعين النووية

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
نسمات الفلق
مشرفة
مشرفة
نسمات الفلق


عدد المساهمات : 345
تاريخ التسجيل : 13/02/2011
شرح الأربعين النووية Ebda4e_26

شرح الأربعين النووية Empty
مُساهمةموضوع: شرح الأربعين النووية   شرح الأربعين النووية Emptyالسبت أبريل 09, 2011 6:01 am

بسم الله الرحمن الرحيم
مقــدمـــة


إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.أمَّا بعد:

أولاً: ما يتعلَّق بالإمام النَّوَوِيِّ:

شيخ الإسلام الإمام أبو زكريا يحيى بن شرف النَّوَوِيُّ، زاهِد العُلَماء وعالِم الزُّهَّاد، حتى إنَّ صدْق نيَّة هذا الإمام وإخلاصَه قد ظهر من خِلال سِيرته العَطِرة، ومن استِفادة كافَّة العُلَماء - فضلاً عن طلبة العلم - على تعدُّد مشاربهم من مؤلَّفات هذا الإمام العِملاق؛ فكتبه: كـ"رياض الصالحين"، و"التبيان"، و"المجموع"، وغيرها تُقرَأ في المعاهد العلميَّة وتُنثَر دُرَرُها بين العُلَماء وطلَبَة العلم والعامَّة في كلِّ حين، وإنه لَيَجْدُرُ بنا أن نقول في حقِّه: إنَّه ما جاء بعدَه من عالمٍ ولا متعلِّم إلا وللإمام النَّوَوِيِّ - رحمه الله تعالى - في عنقه منَّة - نحسبه كذلك، ولا نزكِّي على الله أحدًا.هذا، وقد بارَك الله - سبحانه وتعالى - له في عمره؛ لأنَّ هذه الخيرات التي ترَكَها كلها والتي سردُها أو نشْرُها علم، واقتناؤها حلم، وفهمها غُنم، والواحِد مِنَّا يَعجِز - إلا من رحم الله تعالى - عن قراءَتها فكيف بتأليفها؟! وقد وفَّقه الله - تعالى - في تأليفها وعمره لم يَتجاوَز الخامسة والأربعين سنة؛ إذ إنَّ ميلاده كان سنة (631 هـ)، ووفاته كانت سنة (676 هـ)، ولكن فضل الله - تعالى - يُؤتِيه من يشاء.

ويتَّضِح الكلام عن الإمام النَّوَوِيِّ من خلال ما يلي:

اسمه: هو يحيى بن شرف بن مُرِّيِّ بن حسن بن حسين بن محمد جمعة بن حِزام.

نسبته: (النَّوَوِيُّ) إلى نَوَى، وهي قاعِدة الجولان من أرض حُوران من أعمال دمشق، فهو الدمشقي أيضًا، خصوصًا وقد أقام الشيخ بدمشق نحوًا من ثمانٍ وعشرين سنة، فهو النَّوَوِيُّ مولدًا، والدمشقيُّ إقامةً، والشافعي مذهبًا، والحزامي قبيلة، والسني مُعتَقَدًا.

لقبه: لُقِّب بمحيي الدين - مع كراهته له - لأنَّ تلك الألقاب كانت مُتداوَلة في عصره، ومع ذلك كان يَكرَه ذلك اللقب.

كنيته: أبو زكريَّا، مع أنَّه من العُلَماء العزَّاب، الذين آثَرُوا العلم على الزواج؛ وإنما كُنِّي لأنَّ ذلك من السُّنَّة، وهو أن يكنى المسلم ولو لم يتزوَّج، أو لم يولد له، أو حتى لو كان صغيرًا، وقد قالت السيدة عَائِشَةُ - رضِي الله عنها - للنبيِّ - e-: يا رسول الله، كلُّ نسائك لها كنية غيري، فقال لها رسول الله - e-: ((اكتَنِي أنت أم عبدالله))، فكان يُقال لها: أم عبدالله، حتى ماتت ولم تلد قطُّ، (يعني: ابن الزبير ابن أختها أسماء - رضِي الله عنهم)؛ أخرَجَه الإمام أحمد في "مسنده"، وصحَّحه الشيخ الألباني.وفي صحيحي البخاري ومسلم عن أنس - t- قال: كان النبي - e- أحسن الناس خُلقًا، وكان لي أخٌ يُقال له: أبو عمير - قال: أحسبه فطيم - وكان إذا جاء قال: ((يا أبا عُمَير، ما فعل النُّغَير؟))، نغر كان يلعب به؛ يُداعِبه - e- لمَّا مات الطائر الذي كان يلعب به.

البيئة التي نشَأ فيها: نشَأ تحت كنف والده، وكان مستور الحال؛ فكان يعمل في دكان أبيه مدَّة، وكان الأطفال يُكْرِهونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم ويبكي ويقرأ القرآن الكريم، فرآه الشيخ ياسين - رحمه الله تعالى - وكان من صالحي ذلك الزمان، وهو على هذه الحالة، فقال للذي يعلِّمه القرآن الكريم وأوصاه به وقال له: هذا الصبي يُرجَى أن يكون أعلم أهلِ زمانه وأزهدهم، وينتفع الناس به، فقال له المعلِّم: مُنَجِّم أنت؟! فقال: لا؛ وإنما أنطقني الله - تعالى - بذلك، فذكَر ذلك لوالده، فحَرَصَ عليه إلى أنْ ختَم القرآن الكريم وقد ناهَز الاحتلام.ثم قَدِمَ به أبوه إلى دمشق، وكانت آنذاك مَحَطَّ العُلَماء وطلبة العلم، وكان عمره (19) سنة، فسَكَن المدرسة الروَاحِيَّة، وقد قال الإمام النَّوَوِيُّ نفسه: "وبقيت نحو سنتين لا أضع جنبي بالأرض، وأتقوَّت بجِرَاية المدرسة".

دراسته وهو صغير: ذكَر الإمام ابن العطار- وهو التلميذ النجيب للإمام النَّوَوِيِّ - أنَّ شيخه حكَى له عن نفسه أنه كان يقرأ كل يوم (12) درسًا على مشايخه شرحًا وتصحيحًا.وقال: وكنت أعلِّق جميع ما يتعلَّق بها من شَرْح مُشْكِلٍ، ووضوح عبارة، وضبط لغة، وبارك الله - تعالى - لي في وقتي.ثم إنَّه أراد تعلُّم المنطق فأظلَم قلبه، فترَكَه - رحمه الله تعالى.

حرصه على وقته: كان الإمام النَّوَوِيُّ لا يضيع وقتًا لا في ليلٍ ولا في نهار، حتى إنه في ذهابه في الطريق وإيابه يشتَغِل في تكرار محفوظاته أو مطالعة، ثم أدَّى فريضة الحج مع والده، وكان عمره لم يتجاوَز اثنين وعشرين عامًا.

عبادته: كان كثيرَ العِبادة من الصلاة والصوم والذِّكر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإفادة والتعليم والتأليف.

زهده وورعه: وصَفَه كلُّ مَن رآه بأنَّه زاهد في الدنيا، مُقبِل على الآخرة، كثير التحرِّي والانجماح عن الناس، وكان يصوم الدهر، ولا يجمع بين إدامين، وكان لا يأكل من فاكهة دمشق؛ لأنها كثيرة الأوقاف لِمَن هو تحت الحَجْر شرعًا، وكان يقبَل من الفقير ويردُّ الغني، ولمَّا جاء المرسوم السلطاني بوُجُوب الإنفاق على الجند ذهَب الناس إلى الإمام النَّوَوِيِّ وشَكَوْا إليه، فأرسَل رسالةً إلى السلطان ابتدَأَها ببيان حقِّ الراعي والرعية، ثم حثَّه على الالتِزام بالشريعة، ونهاه عن هذا الفعل، فغَضِب السلطان وأمَر المسؤولين أن يعزلوا هذا الشيخ ويمنعوه راتبه، فتلطَّفوا له قائلين له: إنَّه لا يَتعاطَى راتبًا، وليس له منصب.

صفته: كان أسمرَ، كثَّ اللحية، رَبْعَةً، مَهِيبًا، قليل الضحك، عديم اللعب، يقول الحق ولا يخشى في الله - تعالى - لومة لائم، وفي بحثه مع الفُقَهاء تعلوه السكينة.

عُزُوفُه عن الزواج وسببه: الإمام النَّوَوِيُّ من العُلَماء الذين آثَرُوا العلم والعبادة على الزواج، فهذان الأمران جعَلا الإمامَ النَّوَوِيَّ وكثيرًا من كِبار العُلَماء من صالحي هذه الأمَّة كالإمامين: النَّوَوِيِّ وابْنِ تَيْمِيَّةَوغيرهما يَعزفون عن الزواج لا رغبة عنه ورهبنة؛ بل تُعتَبَر مثل "حالهم هذه - والله أعلم - أنها مسلك شخصي فردي اختاروه لأنفسهم مايَزُوا فيه ببصيرتهم الخاصَّة بين خير الزواج وخير العلم الذي يقومون به، فرجَح لديهم خيرُ العلم على خيرِ الزواج لهم، فقدَّموا مطلوبًا على مطلوب، ولم يدعوا أحدًا من الناس إلى الاقتِداء بهم في هذا المسلك، ولا قالوا للناس: التبتُّل للعلم أفضَل من الزواج، ولا ما نحن عليه أفضل ممَّا أنتم عليه"؛ بل إنهم تركوا الزواج وهم عالِمون بأحكامه، وبما دلَّتْ عليه الشريعة، ولهم من العلم ما يَرْقَى بهم ويسمو عن أن يفعلوا شيئًا جاهِلين بأحكامه، وكيف يكون هذا ولهم في مصنَّفاتهم كلامٌ رَصِين مَتِين موزون أبانوا فيه أحكامَه الشرعيَّة؛ بل تكلَّموا على سائِر الموضوعات التي لها علاقة بالزواج، سواء من قريب أو من بعيد، بمعرفة فاحصة وعلم غزير، وفهم ثاقب مُستَنِير، ويشهد لذلك كلامُه وفَتاواه المُتناثِرة في كتبه، والتي يتداولها العُلَماء بإكبار.

مؤلفاته: لقد بارَك الله - تعالى - في عمر الإمام النَّوَوِيِّ ووقته؛ فمع أن عمره (45) سنة إلا أنَّه ترك مؤلَّفات سارَتْ بها الرُّكبان في حياته وبعد مَماتِه، وأصبَحت مَراجِع غنيَّة، ومَصادِر ثريَّة، ينهل منها العُلَماء وطلبة العلم والعامَّة، ولا تَكاد تجد عالمًا أو طالب علم بعدَ الإمام النَّوَوِيِّ - إلا ما شاء الله تعالى - إلا وقد استَفاد من مؤلفات الإمام النَّوَوِيِّ بواسطة وبغير واسطة، وهذه إحدى كرامات هذا الإمام الجليل، إضافةً إلى ما امتنَّ الله - تعالى - عليه من كَرامات كثيرات؛ منها: ما تمنَّاه الإمام النَّوَوِيُّ حين قال"اللهم أَقِمْ لدينك رجلاً يكسر العمود المُخَلَّق، ويخرب القبر الذي في جيرون"، واستَجاب الله - تعالى - دعاءَه بشيخ الإسلام ابن تيميَّة، وقد قال شرف الدين: "فهذا من كَرامات الشيخ محيي الدين، فكسرناه - ولله الحمد - وما أَصاب الناس من ذلك إلا الخير، والحمد لله وحدَه".

في الحديث الشريف وعلومه:

1- "شرح صحيح الإمام مسلم"، وهو المعروف بـ"المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج".

2- "الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار - صلَّى e".

3- "رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين -e.

4- "الأربعون حديثًا النَّوَوِيَّة"، وهو ما سأُشِير إليه لاحِقًا - إن شاء الله تعالى.

5- التقريب والتيسيرلمعرفة سنن البشير النذير e"وهو اختِصار لكتاب "الإرشاد" الذي هو مختصر كتاب "علوم الحديث"؛ للإمام أبي عمرو بن الصلاح.

6- "إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق - e"، وهو اختِصار كتاب "معرفة علوم الحديث"؛ للإمام أبي عمرو بن الصلاح.

7- "الإرشاد إلى بيان الأسماء المبهمات"، وهو اختِصار كتاب "الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة"؛ للإمام الخطيب البغدادي.

8- "الخلاصة في أحاديث الأحكام"، وصَل فيه إلى الزكاة.

9- "شرح سنن أبي داود"، وصَل فيه إلى الوضوء.

10- "التلخيص شرح صحيح الإمام البخاري"، وصَل فيه إلى العلم.

11- "الإملاء على حديث إنما الأعمال بالنيات".

في الفقه:

1 - "روضة الطالبين"، وهو اختصار "الشرح الكبير"؛ للإمام الرافعي في الفقه الشافعي.

2 - "منهاج الطالبين"، وهو اختصار "للمُحَرَّر"؛ للإمام الرافعي مع الزيادة عليه بفرائد حسان.

3 - "الإيضاح في المناسك".

4 - "المجموع شرح المهذب للإمام الشِّيرازي"، وصَل فيه إلى الربا.

5 - فتاوى الإمام النَّوَوِيِّ المعروفة بـ"المنثورات" من جمع تلميذه الإمام ابن العطار، وهي دليلٌ على مرتبة الاجتِهاد المُطلَق التي وصَل إليها الإمام النَّوَوِيُّ؛ حيث إنَّه كان يُفتِي فيها بما ترجَّح له دليلُه.

6 - جزءٌ لطيف في الترخيص في الإكرام بالقِيَام، واسمه: "الترخيص بالقِيَام لِذَوِي الفضل والمزيَّة من أهل الإسلام".

في اللغة: - "تهذيب الأسماء واللغات".- "التحرير في ألفاظ التنبيه".- ما تَناثَر في كتبه من تحقيقات علميَّة بديعة كـ"المجموع"، و"شرحه لصحيح الإمام مسلم"، وآخر "التبيان".

في علوم القرآن: "التبيان في آداب حملة القرآن".

في الزهد: إضافةً إلى سِيرَته العَطِرَة له: "بُستان العارفين".

وفاته: توفي الإمام النَّوَوِيُّ سنة ست وسبعين وسِتِّمائة من الهجرة عن خمس وأربعين سنة - رحمه الله تعالى.

*ثانيًا: أحـــــــــــــــــــــاديــــــــــــــــــــــــــــث الأربــعيـــــــــــــن:

ويتَّضِح ذلك من خِلال خمس مسائل، وهي كما يلي:

*المسألة الأولى: أحاديث الأربعين وسبب تسميتها بذلك:

أكثَرَ عُلَماء الحديث - رحمهم الله تعالى - من السَّلَف الصالِح ومَنْ بعدَهم مِنْ جَمْعِ أربعين حديثًا في بابٍ من أبواب الشريعة المحمديَّة الغَرَّاء، سواء كانت في التوحيد أم في العبادات أم في الأخلاق أم الجهاد أم الزهد... وهكذا، في أصول الشريعة وفروعها، فأراد الإمام النَّوَوِيُّ - رحمه الله تعالى - جمْع أربعين حديثًا تشمَل ذلك كلَّه، فكانت الأحاديث الموسومة بـ"الأربعين النَّوَوِيَّة"، وهي في الحقيقة ثِنتان وأربعون حديثًا، ولكن على طريقة العرب في جبر الكسر والتقريب، وهي نَوَوِيَّة؛ لأنها منسوبة إلى الإمام النَّوَوِيِّ جامِعِها - رحمه الله تعالى - كما نصَّ على ذلك بقوله: "وقدِ استَخرتُ الله - تعالى - في جمع أربعين حديثًا اقتِداءً بهؤلاء الأئمَّة وحفَّاظ الإسلام"

*المسألة الثانية: أصل الأربعين النَّوَوِيَّة:

أصل الأربعين النَّوَوِيَّة أنَّ الإمام أبا عمرو بن الصلاح أملى بعض الأحاديث التي عليها مدار الإسلام وكانت (26) حديثًا، ثم أكمَلَها الإمام النَّوَوِيُّ إلى (42) حديثًا، ثم أكمَلَها الإمام ابن رجب الحنبلي إلى (50) حديثًا كما قال الإمام ابن رجب الحنبلي: ".... وأملَى الإمام الحافِظ أبو عمرو بن الصلاح مجلسًا سمَّاه "الأحاديث الكلية"، جمَع فيه الأحاديث الجَوامِع التي يُقال: إنَّ مَدار الدِّين عليها، وما كان في معناها من الكلمات الجامعة الوجيزة، فاشتَمَل مجلسه هذا على ستَّة وعشرين حديثًا، ثم إنَّ الفقيه الإمام الزاهد القدوة أبا زكريا يحيى النَّوَوِيَّ - رحمة الله عليه - أخَذ هذه الأحاديث التي أملاها ابن الصلاح وزاد عليها تَمام اثنين وأربعين حديثًا وسمَّى كتابه بـ"الأربعين"، واشتَهرت هذه الأربعين التي جمَعَها وكَثُر حفظها، ونفع الله بها ببركة نيَّة جامِعِها وحسن قصده - رحمه الله تعالى... وأنْ أَضُمَّ إلى ذلك كلِّه أحاديث أُخَر من جَوامِع الكَلِم الجامِعَة لأنواع العلوم والحِكَم؛ حتى تكتَمِل عدة الأحاديث كلها خمسين حديثًا"؛ انتهى.

قلتُ: وسُمِّيَتْ بـ"الخَمسِين الرجبيَّة"؛ نسبةً لمؤلِّفها الإمام ابن رجب الحنبلي، وأشار مؤلِّفها إلى ذلك في المقدمة قائلاً: "وسميته: "جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكلم"؛ انتهى.

*المسألة الثالثة: الاتِّفاق على ضعف حديث الأربعين:

نَبَّهَ الإمام النَّوَوِيُّ في مقدمة متن "الأربعين"، على أنَّ الحديث الوارِد في الحثِّ على حفْظ أربعين حديثًا مُتَّفَق على ضعفه، فقال:

"أمَّا بعدُ، فقد رُوِّيْنا عن عليِّ بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء وابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وأبي هريرة وأبي سعيد الخُدْري - رضِي الله عنهم - من طرق كثيرات، بروايات متنوِّعات: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن حفظ على أمَّتي أربعين حديثًا من أمر دينها، بعَثَه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعُلَماء))، وفي رواية: ((بعَثَه الله فقيهًا عالمًا))، وفي رواية أبي الدرداء - رضِي الله عنْه -: ((وكنت له يوم القيامة شافعًا وشهيدًا))، وفي رواية ابن مسعود - رضِي الله عنْه -: ((قيل له: ادخل من أبواب الجنة شئت))، وفي رواية ابن عمر - رضِي الله عنهما -: ((كُتِب في زمرة العُلَماء، وحُشِر في زُمْرة الشهداء))، واتَّفَق الحفاظ على أنه حديث ضعيف كثُرَت طرقه"؛ انتهى.

*المسألة الرابعة: شرْط الإمام النَّوَوِيِّ - رحمه الله تعالى - في الأربعين النَّوَوِيَّة:

شرَط الإمام النَّوَوِيُّ - رحمه الله تعالى - الصحَّة في "أربعينه" كما نصَّ على ذلك في مقدمته بقوله: "ثم ألتَزِم في هذه الأربعين أن تكون صحيحة، ومعظمها في صحيحي البخاري ومسلم، وأذكرها محذوفة الأسانيد؛ ليسهل حفظُها، ويعمَّ الانتِفاع بها - إن شاء الله تعالى"؛ انتهى.

هذا، وقد نازَعَ الإمامَ النَّوَوِيَّ غيرُه من العُلَماء في تصحيح بعض أحاديث الأربعين، لكن إمامنا النَّوَوِيَّ حافظٌ مُحدِّثٌ جبلٌ ناقد، فأحكامه مُعتَمدَة، إلا ما اقتضَتْه الطبيعة البشرية، و"كم ترك الأوَّل للآخِر"!

*المسألة الخامسة: كلُّ حديث من أحاديث الأربعين النَّوَوِيَّة قاعدة عظيمة يَدُور عليها الإسلام:

كلُّ حديثٍ من تلك الأحاديث الأربعين النَّوَوِيَّة قاعِدَة عظيمة، ويَدُور عليها الإسلام، كما قال الإمامُ النَّوَوِيُّ: "... وكلُّ حديث منها قاعدة عظيمة من قواعد الدين، وقد وصَفَة العُلَماء بأنَّ مدار الإسلام عليه، أو هو نصف الإسلام، أو ثلثه، أو نحو ذلك"؛ انتهى.
والحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمد وآله وصحبه والتابعين، كلَّما ذكره الذاكرون، أو غفَل عن ذكره الغافلون
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نسمات الفلق
مشرفة
مشرفة
نسمات الفلق


عدد المساهمات : 345
تاريخ التسجيل : 13/02/2011
شرح الأربعين النووية Ebda4e_26

شرح الأربعين النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح الأربعين النووية   شرح الأربعين النووية Emptyالسبت أبريل 09, 2011 6:21 am


الحديث الأول


عن عمر بن الخطاب yقال: سمعت رسول الله e يقول(إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) متفق عليه.

موضوع الحديث: الإخلاص في العمل وبيان اشتراط النية وأثر ذلك

أهمية الحديث:

*اتفق العلماء على صحته وتلقيه بالقبول وبه صدر البخاري كتابه الصحيح وأقامه مقام الخطبة له إشارة منه إلى أن كل عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل لا ثمرة له في الدنيا ولا في الآخرة0
*هذا الحديث أصل عظيم في الدين ،وهو أحد الأحاديث التي يدور الدين عليها قال الشافعي: هذا الحديث ثلث العلم ويدخل في سبعين بابا من الفقه وقال أحمد : أصل الإسلام على ثلاثة أحاديث حديث عمر الأعمال بالنيات وحديث عائشة من أحدث في أمرنا هذا وحديث النعمان بن بشير الحلال بين والحرام بين فيدخل في حديث (إنما الأعمال بالنيات) ثلث العلم0وسبب ذلك أن كسب العبد يكون بقلبه ولسانه وجوارحه فالنية بالقلب احد الأقسام الثلاثة0

*قال أبو داود:إن هذا الحديث Sadإنما الأعمال بالنيات)نصف الإسلام لأن الدين إما ظاهر وهو العمل وإما باطن وهو النية0

*أن النبيIe خطب به كما في رواية البخاري ثم خطب به عمر قال أبو عبيد:ليس في الأحاديث أجمع وأكثر وأغنى فائدةمنه0



*عللي:استحب العلماء أن تستفتح كتب العلم والمصنفات بحديث Sadإنما الأعمال بالنيات)؟

استحب العلماء أن تستفتح به الكتب والمصنفات حيث جعله البخاري في أول صحيحه و ابتدأ به النووي في كتبه الثلاث (رياض الصالحين)و (الأذكار) و الأربعين حديثا النووية)وفائدة هذا البدء تنبيه طالب العلم أن يصحح نيته لوجه الله تعالى في طلب العلم وعمل الخير0



سببـه: روى الطبراني في معجمه الكبير بإسناد رجاله ثقات عن ابن مسعود tقال : كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها : أم قيس فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر فهاجر فتزوجها فكنا نسميه مهاجر أم قيس0

مفردات الحديث:

الحفص:الأسد وأبو حفص كنية لعمر بن الخطاب t والكنية ما صدرت بأب أو بأم كأبي حفص وأبو بكر، واللقب ما أشعر بمدح كالفاروق وذي النورين أو بذم.

*أما سبب تلقيبه بأمير المؤمنين فيقال : إنه في خلافة أبي بكر tكانوا يقولون لـأبي بكر خليفة رسول الله، فلما جاء عمر كانوا يقولون : خليفة خليفة رسول الله، وطال الأمر فقالوا : جاء وافد من العراق يسأل أين أميركم ؟ قالوا : من أميرنا ؟ قال : عمر، قالوا : جئت بها، فسموه أمير المؤمنين، فقالt: أنتم المؤمنين وأنا أميركم فأنا أمير المؤمنين، فلقب به بعد توليه الخلافة.
*
و كني عمرt بأبي حفص : لشجاعته وقوته وخفته، ويذكرون عنه tأنه كان يمسك أذن الفرس بيد ويثب على ظهر الفرس، دون أن يعتمد على شيء، وذلك لنشاطه وخفته، وهذا النشاط والوثب من سمات الأسد والنمر.
*
أما الفاروق فقد لقبه به رسول الله e وذلك أنه لما أسلم ثم جلسوا في الدار فقال عمر : يا رسول الله! ألسنا على الحق أحياءً وأمواتا ؟
قال : والذي نفسي بيده إننا على الحق أحياءً وأمواتاً،قال : فلماذا نجلس هنا أفلا نعلنها، وخرج عمر وخرج رسول الله في صفين على أحدهما عمر وعلى الآخر حمزة وذهبا إلى البيت وطافا بالبيت، فساءت وجوه قريش، وقالوا : الآن انتصف المسلمون منا.
فحينئذٍ سماه الرسول الله eالفاروق، كأنه فرق في ذلك اليوم بين الخفاء بالدعوة وبين ظهورها، أو بين المسلمين والمشركين، حيث تميزت جماعة المسلمين حينما دخل عمر في الإسلام وكان ابن مسعود يقول : ( إسلام عمر فتح، وهجرته نصر، وخلافته رحمة ) .

*إنما : أصلها مكون من(إن) ودخلت عليها (ما) الزائدة وهي أداة للحصر تثبت المعنى المذكور بعدها وتنفي ما عداه0

*الأعمال:جمع عمل و(ال) للجنس أي جنس الأعمال فيدخل فيه جميع الأعمال ومعنى العمل كل ما يقوم به الإنسان وتشمل كل الأعمال بأنواعها:
أعماال قلبية: ما ينعقد عليه القلب من عقائد كالإخلاص والخوف والرجاء والتوكل على الله، والإنابة إليه، والخشية منه وما أشبه ذلك.
أعماال اللسان:ماينطق به اللسان من ذكر، وتلاوة، وكلام، وغير ذلك.
أعمال الجوارح:أعمال اليدين والرجلين وما أشبه ذلك كالصلاة من قيام وركوع، والصيام والحج، والجهاد، وغيرها من الأعمال البدنية.

*بالنيات:جمع نية ومعناها لغة:القصد والعزيمة

اصطلاحاَ:القصد المقترن بالفعل وهي العزم على فعل العبادة تقرّباً إلى الله تعالى ومحلها القلب فهي عمل قلبي ولاتعلق للجوارح بها.



*(وَإنَّمَا لِكُلِّ امْرِىءٍ مَا نَوَى( :هذه هي نيّة المعمول له ، والناس يتفاوتون فيها تفاوتاً عظيماً -وسيأتي تفصيلها لاحقاَ- (و إنما ) أيضاً للحصر، فلا يتعدى عمل العبد ما نواه.

*امرئ:رجلا كان أم امرأة

: قوله (إنما الأعمال بالنيات) هذا يقتضي الحصر والمعنى إنما الأعمال صالحة أو فاسدة أو مقبولة أو مردودة بالنيات ، فيكون خبرا عن حكم الأعمال الشرعية فلا تصح ولا تحصل إلا بالنية ومدارها بالنية.وقوله (وإنما لكل امرئ ما نوى) إخبار أنه لا يحصل له من عمله إلا ما نواه به فإن نوى خيرا جوزي به وإن نوى شرا جوزي به وإن نوى مباحا لم يحصل له ثواب ولا عقاب ، وليس هذا تكرير محض للجملة الأولى فإن الجملة الأولى دلت على صلاح العمل وفساده والثانية دلت على ثواب العامل وعقابه .

وتطلق النية في كلام العلماء على معنيين:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نسمات الفلق
مشرفة
مشرفة
نسمات الفلق


عدد المساهمات : 345
تاريخ التسجيل : 13/02/2011
شرح الأربعين النووية Ebda4e_26

شرح الأربعين النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح الأربعين النووية   شرح الأربعين النووية Emptyالسبت أبريل 09, 2011 6:32 am



نية العمل(نية التعيين والتمييز):

تشتمل على أمرين:

1- تمييز العبادات بعضها عن بعض:

فلا تصح الطهارة بأنواعها ولا الصلاة والزكاة والصوم والحج وجميع العبادات إلا بقصدها ونيتها ، فينوي تلك العبادة المعينة، وإذا كانت العبادة أنواع كالصلاة منها الفرض الصلوات الخمس والنفل المعين مثل الوتر ، وركعتي الضحى ، والرواتب فهذه لابد أن تعينها بالاسم ، لكن بالقلب لا باللسان والنفل المطلق ، فالمطلق منه يكفي فيه أن ينوي الصلاة ،وأما المعين من فرض ونفل فلا بد مع نية الصلاة أن ينوي ذلك المعين وهكذا بقية العبادات.مثال: سنة الفجر ركعتان، والفريضة ركعتان، فالذي يميز بين ركعتي الفريضة وركعتي النافلة هو النية، فإذا نوى بالركعتين الأوليين النافلة، ونوى بالركعتين الأخريين الفريضة فقد ميز بين الصلاتين بالنية.



2- تمييز العبادة عن العادة ،فمثلا الاغتسال يقع نظافة أو تبرد ويقع عن الحدث الأكبر وعن غسل الميت وللجمعة ونحوها ،فلا بد أن ينوي فيه رفع الحدث أو ذلك الغسل المستحب ،وكذلك يخرج الإنسان الدراهم مثلا للزكاة أو الكفارة أو للنذر أو للصدقة المستحبة أو للهدية فالعبرة في ذلك كله على النية ،وكذلك صور ومسائل المعاملات العبرة نيته وقصده لا ظاهر عمله ولفظه.

قال بعض أهل العلم:عبادات أهل الغفلة عادات وعادات أهل اليقظة عبادات مثل من يقوم يتوضأ ويصلي ويذهب على العادة فهذه غفلة.

رجل ينام ينوي بذلك التقوي على العبادات والاستيقاظ للصلوات ورجل ينام لشعوره بالنعاس فالأول نومه عبادة لله يؤجر فيها على نيته والثاني عادة.

*الرجل يأكل الطعام شهوة فقط ، والرجل الآخر يأكل الطعام امتثالاً لأمر الله تعالى في قولهSadوكلوا واشربوا)أكل الثاني عبادة ، وأكل الأول عادة.

نية المعمول له(القصد):

*وهو استواء السر والعلن والظاهر والباطن بأن يبتغي بعمله وجه الله (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين).

*أي تمييز المقصود بالعمل هل هو الله وحده لا شريك به أم لغيره أم الله وغيره؟.
وهو المقصود غالبا في كلام الله بلفظ النية والإرادة قال تعالى Sadمنكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة) وكذلك هو المقصود غالبا في السنة وهو كثير في كلام السلف قال عمر "لا عمل لمن لا نية له ولا أجر لمن لا حسبة له " وقال يحي بن أبي كثير "تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل" وقال سفيان الثوري"ما عالجت شيئا أشد علي من نيتي لأنها تتقلب علي" .

*وهي التي يتفاوت الناس فيها تفاوت المشرق والمغرب رجلان يصليان بينهما كما بين المشرق والمغرب لأن أحدهما مخلص والآخر غير مخلص ونيته لغير الله.

*طالبان للعلم تجد أن أحدهما قريب من الجنة والآخر بعيد وهما يقرءان من كتاب واحد وعلى مدرس واحد أحدهما طلب الفقه ليكون قاضي ويحظى بوجاهة و بمرتب عالي والآخر طلبه ليكون عالما ومعلما يبتغي بذلك وجه الله: ففي الحديث يقول سبحانهSad أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً وأشرك معي فيه غيري تركته وشركه ) وقال eSadمن تعلم علماً مما يبتغي به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة ـ يعني ريحها ـ يوم القيامة).

وفي حديث أبي هريرة tقال : سمعت رسول اللهe يقول : ( إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به، فعرفه نعمته فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت،قال : كذبت ولكنك قاتلت ليقال : جريء فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به يعرفه نعمه فعرفها، قال : فما عملت ؟ قال : تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن قال : كذبت ولكن تعلمت ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.ورجل وسع الله عليه، وأعطاه من صنوف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال : فما عملت فيها ألا أنفقت فيها قال : ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها لك، قال : كذبت، ولكنك فعلت ليقال : جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار).

فالنتيجة في الجملة الأخيرة (وإنما لكل امرئ ما نوى).



نية المعمول له(القصد):

*وهو استواء السر والعلن والظاهر والباطن بأن يبتغي بعمله وجه الله (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين).

*أي تمييز المقصود بالعمل هل هو الله وحده لا شريك به أم لغيره أم الله وغيره؟.
وهو المقصود غالبا في كلام الله بلفظ النية والإرادة قال تعالى Sadمنكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة) وكذلك هو المقصود غالبا في السنة وهو كثير في كلام السلف قال عمر "لا عمل لمن لا نية له ولا أجر لمن لا حسبة له " وقال يحي بن أبي كثير "تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل" وقال سفيان الثوري"ما عالجت شيئا أشد علي من نيتي لأنها تتقلب علي" .

*وهي التي يتفاوت الناس فيها تفاوت المشرق والمغرب رجلان يصليان بينهما كما بين المشرق والمغرب لأن أحدهما مخلص والآخر غير مخلص ونيته لغير الله.

*طالبان للعلم تجد أن أحدهما قريب من الجنة والآخر بعيد وهما يقرءان من كتاب واحد وعلى مدرس واحد أحدهما طلب الفقه ليكون قاضي ويحظى بوجاهة و بمرتب عالي والآخر طلبه ليكون عالما ومعلما يبتغي بذلك وجه الله: ففي الحديث يقول سبحانهSad أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً وأشرك معي فيه غيري تركته وشركه ) وقال eSadمن تعلم علماً مما يبتغي به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة ـ يعني ريحها ـ يوم القيامة).وفي حديث أبي هريرة tقال : سمعت رسول اللهe يقول : ( إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به، فعرفه نعمته فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت،قال : كذبت ولكنك قاتلت ليقال : جريء فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به يعرفه نعمه فعرفها، قال : فما عملت ؟ قال : تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن قال : كذبت ولكن تعلمت ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.ورجل وسع الله عليه، وأعطاه من صنوف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال : فما عملت فيها ألا أنفقت فيها قال : ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها لك، قال : كذبت، ولكنك فعلت ليقال : جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار).

فالنتيجة في الجملة الأخيرة (وإنما لكل امرئ ما نوى).





معنى (فمن كانت هجرته إلى لله ورسوله فهجرته إلى لله ورسوله):

أي كانت هجرتهSadلله) يرجو رضا الله وثوابه كالصحابة الذين انتقلوا من مكة قبل الفتح إلى المدينة من أجل لا إله إلا الله و فراراَ بدينهم فتركوا ديارهم وأموالهم يريدون وجه الله ونصرة دينه .

(ورسوله ) لنصرته وللفوز بصحبته والعمل بسنته والدفاع عنها والدعوة إليها وهذه نية وإرادة طيبة فهذه ه(هجرته لله ورسوله)ومن تقرب إلى الله شبر تقرب إليه ذراعا فإن الله تعالى يكافئ عبده بأعظم.

(ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)

بأن علم أنّ في بلد ما تجارة رابحة وفي أهلها جهل بالدين فذهب إليها من أجل أن يربح لا من أجل أن يدعو إلى الله فهذا هجرته إلى دنيا يصيبها وليس له إلا ما أراد ونوى وإذا أراد الله له أن لا يحصل على شيء من أمر الدنيا لم يحصل له شي وكذلك من هاجر إلى بلد من أجل أن يتزوج امرأة بأن اشترطت ألا تتزوجه حتى يهاجر إلى بلدها فهذه هجرة لأمر دنيوي وقس على ذلك في أي هجرة من أجل أمر من أمور الدنيا.

لماذا خصت المرأة بالذكر في الهجرة في قولهe(فمن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها)من بين أمور الدنيا؟

وإنَّمَا خَصَّ نِكَاحَ المرأةِ مع أنَّهُ منَ الدُّنيا؛ لأنَّه من أعظمِ أُمورِهَا ومَقَاصِدِهَا، وهذا مِن بابِ التخصيصِبعدَ التعميمِ.

*مسائل في الهجرة

لماذا خصت الهجرة بالذكر من بين سائر الأعمال؟

ذكر الهجرة خاصة مع أن هناك الجهاد وغيره : فمن كان جهاده لله فجهاده لله، ومن كانت صلاته لله فصلاته لله، وكذلك الزكاة، بل كل عمل يندرج تحت الأعمال بالنيات، ولكن نص على الهجرة بخصوصها. وخصت الهجرة من دون سائر الأعمال؛ لأنها أعظم حدث في تاريخ الإسلام، ولذا نوه بها eإعظاماً لشأنها.
*
هل الهجرة واجبة أو سنة ؟
الهجرة واجبة على كل مؤمن لا يستطيع إظهار دينه في بلد الكفر ، فلا يتم إسلامه إلا بالهجرة ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . كهجرة المسلمين من مكة إلى الحبشة ، أو من مكة إلى المدينة .
*بعد موت الرسول eهل يمكن أن نهاجر إليه e؟
أما شخصه e فلا ولذلك لا يُهاجر إلى المدينة من أجل شخص الرسول e.

eلأنه تحت الثرى ، وأما الهجرة إلى سنته وشرعه eفهذا مما جاء الحث عليه وذلك مثل : الذهاب إلى بلد لنصرة شريعة الله والذود عنها .
فالهجرة إلى الله في كل وقت وحين ، والهجرة إلى رسول الله لشخصه وشريعته حال حياته ، وبعد مماته إلى شريعته فقط .
أقسام الناس في الهجرة
( من كانت هجرته إلى الله ورسوله( كأولئك الذين شهد الله لهم بأنهم يبتغون فضلاً من الله ورضوانا، وأنهم ينصرون الله ورسوله، وأنهم صادقون (فهجرته إلى الله)، أي : من كانت هجرته إلى الله ورسوله قصداً واحتساباً وصدقاً فهجرته إلى الله فعلاً، وجزاءه على الله سبحانه.
أما القسم الثاني Sadومن كانت هجرته إلى دينا يصيبها، أو امرأة يتزوجها).
أما ( فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فيذكر العلماء أن سبب الحديث أن رجلاً أراد أن يتزوج امرأة يقال لها : أم قيس فامتنعت عليه حتى يهاجر فهاجر ليتزوجها. وكما جاء عن ابن مسعود: كنا نقول : مهاجر أم قيس ، ويقول ابن رجب : لم يثبت هذا الأثر، أي : لم يثبت سنداً بهذا السبب، ولكن يهمنا الأمثلة التي يوردها رسول اللهe وإذا نظرنا إلى هذا التحديد: دنيا، وامرأة، والمرأة من الدنيا،ودنيا إذا أطلقت فهي تأنيث الأدنى، وهي بالنسبة إلى الآخرة أدنى، سواء كانت أدنى زماناً، بأن يكون سبقها أزمان، أو أدنى منزلة بأنها بالنسبة إلى الآخرة لا تساوي شيئاSad لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ) فهي دنية دنية، وسواء في ذلك المال أو الجاه... إلى آخره.
فأي إنسان هاجر لشيء فهجرته إلى ما هاجر إليه، وهنا حكم مبتدأ وخبر، هجرته إلى ما هاجر إليه، أي:هجرته إلى ما هاجر إليه لا إلى الله ورسوله.
وإذا تأملنا حال المهاجرين فقد يهاجرون حقاً لله ورسوله e، فيجدون الكرامة ويجدون العوض عند الله عز و جل، ومن الناس من قد يهاجر لأجل الدنيا فيجدها، فيأتي فقيراً ويغنيه الله، وقد يأتي مهاجراً للزواج فييسر الله له زواجه.
*هل الهجرة للدنيا ممنوعة ؟

إن السفر للتجارة الرابحة قد بينه سبحانه وتعالى، فالمرء إذا ضرب في الأرض ليبتغي من فضل الله، أو ليتزوج امرأة صالحة؛ فلا مانع فليس هناك مانع، فمن أراد الدنيا فليعلنها : جئت للدنيا، ومن أراد الزواج فليقل : جئت لأتزوج، لا أن يأتي في إطار الهجرة لله ورسوله بينما يبطن في نيته دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها. ومن هنا يرجع أول الحديث على آخره (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).
وفي قولهe:" وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا ، أَو امْرأَةٍ يَنْكِحُهَا ، فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ " .

عللي إخفاء نية من هاجر للدنيا في قوله eSadفَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ )ولم يقل : إلى دنيا يصيبها )؟

الفائدة البلاغية في ذلك هي: تحقيرما هاجر إليه هذا الرجل ، أي ليس أهلاً لأن يذكر ، بل يكنى عنه بقوله Sadإِلى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ) ولأن أمور الدنيا لاتنحصر
أما في قولهe: "فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلى اللهِ وَرَسُوله" الجواب : " فَهِجْرتُهُ إلى اللهِ وَرَسُوُله " فذكره تنويهاً بفضله.

ما حكم قرن الرسول e مع الله تعالى بالواو حيث قال : " إِلى اللهِ وَرَسُوله " ولم يقل : ثم إلى رسوله ، مع أن رجلاً قال للرسول eمَا شاءَ اللهُ وشِئْتَ، فَقَالَ :" بَلْ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَه " فما الفرق ؟
أما ما يتعلق بالشريعة : فيعبر عنه بالواو لأن ما صدرعن النبي e من الشرع كالذي صدرمن الله تعالى كما قال تعالى : (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ (
وأما الأمور الكونية : فلا يجوز أن يُقرن مع الله أحدٌ بالواو أبداً ، لأن كل شي تحت إرادة الله تعلى ومشيئته.
أمثلة:فإذا قال قائل :هل ينزل المطر غداً ؟فقيل: الله ورسوله أعلم ، فهذا خطأ ، لأن الرسول e ليس عنده علم بهذا .وإذا قال : هل هذا حرامٌ أم حلال ؟فقيل في الجواب : الله ورسوله أعلم فهذا صحيح لأن حكم الرسول eفي الأمور الشرعية حكم الله تعالى كما قال تعالى) مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ (.

*فوائد من الحديث:

* أهمية النية الصالحة ، وعظم فضلها حيث أن جميع الأعمال مدارها على النية .
*الناس يختلفون في قبول العمل وعدم قبوله ، وعظم الثواب والأجر ونقصانه بناء على اختلافهم في صدق النية وصلاحها أو فسادها ، وكمالها ونقصانها.
* مدار الثواب في الأعمال عند الله سبحانه مرتبط بالنية الصالحة وليس مجرد الفعل ، ومن هنا لم ينتفع المنافقون بأعمالهم وذلك لذهاب نيتهم الصالحة أو نقصانها .
*فوائد النية بالنسبة للأعمال : ـ أ ـ تميز العبادة من العادة : مثل تميز غسل الجنابة عن غسل التبرد والتنظف
ب ـ تميز العبادات بعضها من بعض : مثل تميز صلاة الظهر عن صلاة العصر ج ـ تميز المقصود بالعمل أهو الله وحده أم لا ؟
*بالنية الصالحة تتحول المباحات إلى مستحبات يثاب عليها الإنسان ، فمن جلس مع غيره وآنسه من غير باطل فيثاب على هذا المباح إن قصد مؤانسة أخيه المسلم وإدخال السرور عليه وهكذا .
*يدل الحديث على وجوب تعاهد النية والعناية بها ومعالجتها.

*النية الصادقة لابد لها أن تكون على سنة نبوية حتى تقبل عند الله ، قال الفضيل بن عياض في قوله تعالى {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } قال : أخلصه وأصوبه ، وقال إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل ، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصا لم يقبل ،حتى يكون خالصاً صواباً ، قال : والخالص إذا كان لله وحده والصواب إذا كان على السنة .أ.هـ
*النية الصادقة هي شهادة أن لا إله إلا الله ، والسنة النبوية التي يكون عليها العمل هي شهادة أن محمداً رسول الله .
*حسن تعليم النبي e بالتنويع وعدم سرد المسائل حيث ذكر قاعدة ثم ذكر مثال يوضحها ففي هذا الحديث ذكر النبي e قاعدة وهي : " إنما الأعمال بالنيات " ثم ذكر لها مثالاً يوضحها وهو " الهجرة " . وكذلك : بتنويع الكلام وتقسيمه ، لأنه قال : " إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ " وهذا للعمل " وَإنَّمَا لِكُلِّ امْرِىءٍ مَا نَوَى " وهذا للمعمول له ، هذا أولاً .والثاني من حُسن التعليم : تقسيم الهجرة إلى قسمين : شرعية وغير شرعية ، وهذا من حسن التعليم ، ولذلك ينبغي للمعلم أن لا يسرد المسائل على الطالب سرداً لأن هذا يُنْسِي، بل عليه أن يجعل أصولاً ، وقواعد وتقييدات لأن ذلك أقرب لثبوت العلم في قلبه ، أما أن تسرد عليه المسائل فما أسرع أن ينساها.
*قال ابن المبارك : رب عمل كبير تصغره النية . أ.هـ ودلالة ذلك من الحديث أن الرجل الذي هاجر قد عمل عملاً من أجل الأعمال وهو الهجرة ، لكن صغر العمل وذهب أجره لفساد نيته .
*أشد ملهيات الدنيا ومنقصات الدين الشهوة ، ولذلك خصها النبي eبالذكر فقال " أو امرأة ينكحها " مع أنها داخلة فيقوله " ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها " ففيه الإرشاد للحذر منها على وجه الخصوص .

* : دل الحديث على أن إخلاص النية لله ، وإرادة العمل وجه الله سهل المنال بإذن الله ، لأن النبي eخاطب بهذا الحديث الأعرابي في باديته ، والعامي والجاهل ولم يخص أناساً دون غيرهم . لكن الشأن الصعب تصفية النية من الشوائب وكمالها وقوتها وصدقها وهذا موطن التفاضل .

* تجري النية في المباحات والأمور الدنيوية ،فمن نوى بكسبه وعمله الدنيوي الاستعانة بذلك على القيام بحق الله وحقوق الخلق واستصحب هذه النية الصالحة في أكله وشربه ونومه انقلبت العادات في حقه إلى عبادات وبارك الله في عمله وفتح له من أبواب الخير والرزق أمورا لا يحتسبها ولا تخطر له على بال ،ومن فاتته هذه النية لجهله أو تهاونه فقد حرم خيرا عظيما ففي الصحيح عنه eأنه قال لسعد بن أبي وقاص "إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك" وقال ابن القيم "إن خواص المقربين هم الذين انقلبت المباحات في حقهم إلى طاعات وقربات بالنية فليس في حقهم مباح متساوي الطرفين بل كل أعمالهم راجحة.

*تتفاضل الأعمال ويعظم ثوابها بحسب ما يقوم بقلب العامل من الإيمان والإخلاص ،حتى إن صاحب النية الصادقة إذا عجز عن العمل يلتحق بالعامل في الأجر قال الله تعالى( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) وفي الصحيح مرفوعا "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما" وفيه أيضا "إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم حبسهم العذر" . وإذا هم العبد بالخير ثم لم يقدر له العمل كتبت همته ونيته حسنة كاملة ففي سنن النسائي أن رسول الله eقال"من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم ويصلي من الليل فغلبته عينه حتى أصبح كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه

*النية الصالحة سبب للرزق وحلول البركة والانتفاع والنفع بالعمل والنية الفاسدة سبب لمحق البركة والتلف قال eSadمن أخذ أموال الناس يريد أداءها أداها الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله).

ترجمة موجزة لعمر بن الخطاب t

هو الخليفة الراشد صاحب رسول الله وأحد العشرة المبشرة بالجنة عمر بن الخطاب بن نُفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قُرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي. كناه رسول الله eأبا حفص وذلك يوم بدر، وسماه أيضًا الفاروق.كان إسلامه بعد خروج من خرج من أصحاب النبي eإلى الحبشة وقد كان النبي eقال قبل إسلامه: " اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب " قال: "وكان أحبهما إليه عمر"، أما قصة إسلامه فقصة طويلة مشهورة.هاجر tجهرة أمام قريش وقد تقلد سيفه وتنكب قوسه بعد أن طاف بالبيت سبعًا وصلى عند المقام، وقد شهد بدرًا والمشاهد كلها.تولى الخلافة ليلة وفاة أبي بكر الصديق tبعهد منه وبايعه على ذلك عثمان وعلي رضي الله عنهما وغيرهما من الصحابة، وكانت مدة ولايته عشر سنين وخمسة أشهر، وقتل مطعونًا على يد أب لؤلؤة المجوسي في صلاة الصبح من يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة من سنة ثلاث وعشرين . ومات بعد ثلاثة أيام . ودفن بالحجرة النبوية يوم الأحد مستهل المحرم من سنة أربع وعشرين t. وهو ابن ثلاث وستين سنة ودفن مع رسول الله eوصاحبه أبي بكر في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها كان لعمر tه ثلاثة عشر ولدًا تسع بنين وأربع بنات.



قصة وفاتهt– للفائدة- في يوم 23 من ذي الحجة من العام الهجري ، وعند صلاة الفجر في المسجد النبوي ، كان عمر يقف في روضة النبي وفي محرابه إماما للمسلمين .يقول عمرو بن ميمون – أحد التابعينعما حدث كنت أقف في الصف الثاني للمصلين وراء عبد الله بن عباس فكبر عمر لصلاة الفجر وقبل أن يقرأ الفاتحة خرج عليه ( العلج ) أي الكافر الأعجمي الضخم وطعنه بالخنجر ست طعنات في أنحاء متفرقة من جسده ، فصرخ عمر قتلني الكلب ، طعنني الكلب ، فاتجه الصحابة نحوه . أخذ القاتل يطعن الصحابة أصاب 13 صحابيا .. مات منهم تسعة فألقى عبد الرحمن بن عوف بعباءته على رأس القاتل وقام يلفها حول رقبته فذبح القاتل نفسه بالخنجر حتى لا يمسك به الصحابة فسأل عمر أين ابن عوف ؟ يا بن عوف صلّ بالمسلمين ، أدرك المسلمين ألا يخرجوا من الصلاة . فصلى بهم ركعتين الأولى قرأ فيها إنا أعطيناك الكوثر ، والثانية إذا جاء نصر الله والفتح وتعجل بالصلاة ،ثم سأل عمر أين عبد الله بن عمر ؟ فجاءه عبد الله ليسنده ، جاؤوا بوسادة يضعون رأسه عليها . قال .لا ضعوا خدي على التراب لعل رب عمر يرحمه . ثم قال : ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي . ثم قال يابن عمر ، إن أنا مت فأغمض عيني واقتصد في كفني ، فإنني أن قدمت إلى ربي وهو عني راضٍ فسيبدلني كفنا خيرا من كفني ، وإن قدمت على ربي وهو عليّ غاضب فسينزعه مني نزعا . حمله الناس إلى بيته فأغشي عليه ساعات طويلة ، وظنوه مات .. فدخل عبد الله بن عباس عليه وقال أنا أدري كيف يفيق عمر بن الخطاب أعلنوا له أن موعد الصلاة حل ..يفيق عمر فوقفوا أمامه وقالوا الصلاة يا أمير المؤمنين فانتبه وقال أصلى بالناس ؟ فقالوا نعم : قال فوضئوني لأصلي أنا أيضا فقام وتوضأ وصلى ثم دخل عليه الطبيب فقال ائتوني بإناء لبن ، وراح يسقيه ، فكان اللبن يخرج من جراحه . فقال الطبيب استوصِ فأنك ميت . فقال جزاك الله خيرا ان صدقتني ..وعند خروج الطبيب نظر إليه عمر فوجد ثوبه يجرجر في الأرض فقال عمر انتظر بالله عليك ارفع ثوبك فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك .وظل عمر ثلاثة أيام يفيق ثم يغشى عليه ،سأل عند إفاقته للمرة الثالثة : أين ابن عباس ، فقال اخرج فانظر من الذي قتلني ، إني أريد أن أعرف فعاد بن عباسوقال : يا أمير المؤمنين قتلك غلام المغيرة بن شعبة : أبو لؤلؤة المجوسي . فقال عمر ويله : فقد أمرت به معروفا . ثم قال الحمد لله أن جعلت قتلي على يد رجل ليس بمسلم ، حتى لا يحجني بين يديك بسجدة سجدها لك . وسأل عمر : هل اتفق معه المسلمون ؟ فقال ابن عباس يا معشر المسلمين هل تآمر مع أبي لؤلؤة المجوسي أحد .فقال المهاجرون والأنصار وهم يبكون : والله تمنينا أن نزيد عمر من أعمارنا ، فإن عمره نصرة للدين أما أعمارنا فستمضي .وقالت نسوة المدينة ، والله لأن تموت أولادنا أحب إلينا من أن يموت عمر بن الخطاب . وصاحت أم كلثوم زوجة عمر: واعمراه . واعمراه أمات الفتنة وأحيا السنة . وقال أهل المدينة والله ما أصبنا بمصيبة أسوأ من هذة المصيبة .وكانت عائشة أم المؤمنين تبكي بكاء شديدا لم تبك مثله على أبيها . قال عمر لابن عباس : يا بن عباس كنت تريد أنت والعباس أن تكثروا العلوج بالمدينة وكنت أقول لكم لا ، أرأيت ما حدث لي يا بن عباس فقال بن عباس لوشئت يا أمير المؤمنين لفعلنا ( أي نقتلهم جميعا ) قال عمر معاذ الله ، بعد ان دخلوا أرضنا وأكلوا من أكلنا وتكلموا بلساننا ؟ ثم قال له : إن كان أبو اللؤلؤة المجوسي مازال حيا فلا تمثلوا بجسده ، وإن كان مات فلا تمثلوا بجثته .. استئذان عائشة:ودخل عليه شاب وقال أبشر يا أمير المؤمنين بالجنة ، هاجرت جهرا ، ونصرت الإسلام ، وصلى المسلمون بالكعبة منذ أن أسلمت وما كانوا يستطيعون أن يصلوا بها ، ومات رسول الله وهو عنك راض ، فبكى عمر ،وسأل وكيف ديوني ؟
فعدوا الديون فإذا هي 86 ألف درهم . فقال عمر يارب من أين لي بهذا المال أسدد به ديوني . وطلب من عبد الله بن عمر أن يذهب بعد وفاته لآل بيت عمر واستأذنهم أن يسددوا ديون أمير المؤمنين . فظل الناس يجمعون المال حتى يلقى ربه وليس عليه دين جمعوا له 86 ألف درهم بعد وفاة عمر بأسبوع .. وفي اللحظات الأخيرة من حياته قال عمر لابنه : اذهب لأم المؤمنين عائشة وقل عمر بن الخطاب ولا تقل أمير المؤمنين فلم أعد للمؤمنين أميرا ، يستأذن منك أنيدفن بجوار صاحبيه ، فلم تعد له أمنية في الحياة إلا أن يكون بجوار النبي eفإن أذنت لك فأتِني سريعا . فيذهب عبد الله بن عمر إلى السيدة عائشة يقول : دخلت عليها فإذا هي تبكي بصوت نحيب . فقال لها : يستأذن منك عمر بن الخطاب أن يدفن بجوار صاحبيه .فقالت عائشة : والله كنت أريد هذا المكان لي ،أما وأنه بن الخطاب فأني أوثره على نفسي . وعاد عبدالله بن عمر ، وعمر ينتظره ، قال ارفعوني فجاءه رجل فشده وأسنده من ظهره . فقال ماذا فعلت يا بن عمر ؟ قال : أبشر يا أمير المؤمنين ،أذنت . فقال الحمد لله .. والله ما كان يهمني شيء منذ سنين إلا أن أدفن بجوار صاحبي .ثم قال : يا بن عمر إذا أنا مت فاحملوني حتى تقفوا على بيت عائشة ولا تدخلوا . واستأذنها مرة أخرى ، وقال عمر بن الخطاب يستأذن أن يدفن بجوار صاحبيه فربما أذنت لك في الأولى حياء منك . يقولون فدفن بجوار صاحبيه . فبكت المدينة بكاء شديدا وهو يحمل نعشه بعد أن حكم المسلمين مدة عشر سنوات وستة أشهر وأربعة أيام . أما الأحاديث الواردة في فضله فكثيرة منها ما رواه الترمذي وأحمد وصححه ابن حبان أن النبي eقال: " إن الله عز وجل جعل الحق على قلب عمر ولسانه "، ومنها قولهe: " أرحم أمتي أبو بكر وأشدها في دين الله عمر " رواه أحمد وغيره، ومنها قولهe: " رأيت كأني أُتيت بقدح من لبن فشربت فأعطيت فضلي عمر بن الخطاب " قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: " العلم", ومناقبه وفضائله كثيرة جدًّا مدونة في كتب العلماء.







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابرة سبيل
عضوة
عضوة



عدد المساهمات : 28
تاريخ التسجيل : 07/04/2011
شرح الأربعين النووية Jb12915568671

شرح الأربعين النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح الأربعين النووية   شرح الأربعين النووية Emptyالسبت أبريل 09, 2011 4:24 pm

زادك الله من فضله نسمات الفلق هلا عرفنا مرجعك ؟ Smile
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نسمات الفلق
مشرفة
مشرفة
نسمات الفلق


عدد المساهمات : 345
تاريخ التسجيل : 13/02/2011
شرح الأربعين النووية Ebda4e_26

شرح الأربعين النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح الأربعين النووية   شرح الأربعين النووية Emptyالسبت أبريل 09, 2011 8:38 pm

عزيزتي عابرة سبيل المراجع هي كالتالي
شرح أحاديث الأربعين نووية الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
الوافي في شرح الأربعين نووية د.مصطفى البغا ود. محي الدين مستو
شرح الأربعين حديثاً النووية ابن دقيق العيد- رحمه الله تعالى
فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين
جامع العلوم والحكم ابن رجب الحنبلي -رحمه الله تعتالى
القول المفيد في شرح كتاب التوحيد العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى
وبعض الفوائد من بعض الدروس المتفرقة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حياة أمل
مدير عام
مدير عام
حياة أمل


شرح الأربعين النووية 225824932
عدد المساهمات : 160
تاريخ التسجيل : 13/02/2011
شرح الأربعين النووية Jb12915568671

شرح الأربعين النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح الأربعين النووية   شرح الأربعين النووية Emptyالسبت أبريل 09, 2011 8:52 pm



شرح الأربعين النووية 1557821339
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شرح الأربعين النووية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتديات العامة :: علوم الشريعة :: الحديث الشريف-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» طريقة عمل شوكلاته مثل الباتشي
شرح الأربعين النووية Emptyالإثنين أكتوبر 31, 2011 6:05 am من طرف نسمات الفلق

» حلى الماركة...باالصور
شرح الأربعين النووية Emptyالإثنين أكتوبر 31, 2011 5:39 am من طرف نسمات الفلق

» نقش حناء (4)بالصوررررر
شرح الأربعين النووية Emptyالإثنين أكتوبر 31, 2011 5:31 am من طرف نسمات الفلق

» كروسان بالزبدة
شرح الأربعين النووية Emptyالجمعة أكتوبر 28, 2011 7:44 am من طرف نسمات الفلق

» طريقة عمل البيتزا الإيطالية بالصوررر
شرح الأربعين النووية Emptyالجمعة أكتوبر 28, 2011 7:30 am من طرف نسمات الفلق

» العجينة الذهبية لجميع أنواع المعجنات بالصورررر روووعة
شرح الأربعين النووية Emptyالأربعاء أكتوبر 26, 2011 6:27 am من طرف نسمات الفلق

» طريقة عمل الشيكولاتة الفيريرو روشية بالصور
شرح الأربعين النووية Emptyالإثنين أكتوبر 10, 2011 5:23 am من طرف نسمات الفلق

» موسوعة كريمات تغليف الكيك والتورتة..يميم إبداع
شرح الأربعين النووية Emptyالإثنين أكتوبر 10, 2011 5:14 am من طرف نسمات الفلق

» مشاهدة فيديو : هام جدا || أخطاء شائعة عند نطق بعض كلمات القرءان الكريم
شرح الأربعين النووية Emptyالجمعة أكتوبر 07, 2011 3:07 am من طرف نسمات الفلق

» النية الذكية..رائعة جدا ومن لديها إضافة فلا تبخل علينا...
شرح الأربعين النووية Emptyالأحد أكتوبر 02, 2011 11:55 pm من طرف نسمات الفلق

» احتفظي بكيس من الدقيق في ثلاجتك.....
شرح الأربعين النووية Emptyالخميس سبتمبر 29, 2011 6:40 am من طرف نسمات الفلق

» طرق إزالة البقع العنيدة...
شرح الأربعين النووية Emptyالخميس سبتمبر 29, 2011 6:34 am من طرف نسمات الفلق